الثلاثاء، سبتمبر 03، 2013

حى الاحباس المغربى

روبرتاج: حي الأحباس بالدار البيضاء حي الأصالة والمعاصرة



حي الأحباس أو الحبوس كما ينطقها بعض سكان مدينة الدار البيضاء بني على الطراز المغربي التقليدي بجوار القصر الملكي وكان في البداية للطبقة البورجواية غير أن التحولات التي عرفتها مدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمغرب أدت إلى  يصبح الحي أحد الأحياء الشعبية العريقة في المدينة تجمع بنايات الحي بين المعمار التقليدي المغربي وبعض مظاهر الرفاهية العصرية وأصبح الحي حاليا نقطة جذب سياحية ويعتبر وجهة مفضلة لزوار مدينة الدار البيضاء خاصة وان أشهر متاجر الصناعات التقليدية في المدينة توجد في هذا الحي العريق إضافة أنه يضم اكبر المكتبات وأشهرها بهذه الصفات يجمع حي الحبوس بين الثقافة والمعمار.
أزقته تتميز بالأقواس والقناطر ومعها تشاهد ساحات خضراء صغيرة فالجانب المعماري مستلهم من روح الهندسة العربية الإسلامية أضافت أليها لمسات من الهندسة الغربية والأوروبية من بقايا الحقبة الاستعمارية واليوم يتردد السواح باستمرار على هذا الحي بحثا عن مصنوعات تقليدية من ملابس وحلي وحقائب جلدية وألوان نحاسية ومصنوعات خشبية وسجاد يدوي يعبر عن الأصالة المغربية.
و تعرض المصنوعات التقليدية بكثرة على الواجهات والأرصفة حيث وجد البزارات التي تضم حوانيت الصناعات اليدوية المختلفة ابتداء بالملابس التقليدية التي حاكتها أيادي الصناع التقليديين كالجلباب والقفطان الذي تبدع فيه أيادي الصناع إشكالا وتطريزا وفي مكان ملاصق متجر لبيع الأواني والديكورات النحاسية والفضية مثل الأباريق الذي يعرف عند المغاربة باسم البراد الذي يوضع فيه الشاي المغربي .
مسجد قرب حي الأحباس
مسجد قرب حي الأحباس

هذا وثمة محلات أخرى لافتة مثل القاعة وهي عبارة  عن مجموعة من الدكاكين متخصصة في بيع الزيتون وزيت الزيتون والخليع وهو عبارة عن لحم مجفف في الشمس ومنقوع في الشحم أشبه ما يكون بلحم القديد وعادة ما يستهلك في الإفطار بكثرة في الأيام الباردة حين يضاف إليه البيض المقلي.
ومن أهم الأمكنة التي تجدب زوار حي الحبوس المحلات المتخصصة في بيع الحلويات المغربية بجميع أنواعها وكذلك الفطائر كذلك على الرغم من انتشار كتب الانترنت فان مكتبات حي الحبوس  لا تزال قبلة للباحثين والكتاب والمثقفين والطلاب ويضم بعض هذه المكتبات كنوزا فكرية ومعرفية وأدبية حقيقية توجد جميعا متراصة ومتجاورة تعرض كل ما جادت به المطابع سواء من داخل المغرب أو من خارجه من تراث فكري وإنساني في مختلف التخصصات.
والملاحظ حسب أراء بعض أصحاب المكتبات أن غالبية السياح الأجانب يزورون هذه المكتبات بحثا عن الكتب الدينية الإسلامية والعربية المترجمة بالإضافة إلى كتيبات تعليم اللغة العربية في زمن بات  بعض المغاربة يبدعون ويتباهون بالتحدث باللغات الأجنبية حيث قيل إنه ازدادت ظاهرة الإقبال عند السياح العرب على مكتبات الحبوس خلال هاته السنوات الأخيرة بحثا عن كتب التراث والأدب والشعر والرواية.
وبالمناسبة لابد الإشارة انه ثمة بالحبوس زقاقا  خاصا صغيرا تصطف فيه محلات مكتب العدول اللذين يتولون دور المأذون في تحرير عقود الزواج وكذلك تحرير العقود التي تعتبر قانونية أمام المحاكم  وفي هذا الزقاق يقوم صرح تاريخي له طابع معماري مغربي  وهو من اعرق بنايات المحاكم في المغرب على الإطلاق وبجوار المحكمة يقع المسجد المحمدي الذي يجمع بين التراث والأصالة.
ثم من الأمور اللافتة في الحبوس ساحة الدلالة بتشديد اللام التي يقصدها الكثيرون من مختلف أحياء الدار البيضاء كونها المكان المشهور بالمزادات العلنية التي يباع فيها كل شيء…
جانب من حي الأحباس
جانب من حي الأحباس

تقع ساحة الدلالة وسط المحلات التجارية التي شيدت خلال فترة الحماية الفرنسية على المغرب ويجتمع الناس هنا على شكل دائري بعد منتصف النهار وهو الوقت الذي يغلق أصحاب الدكاكين محلاتهم لتناول الغداء ويجري عرض بعض البضاعات من خلال الدلال آو الدلالة وهي في الغالب أثاث منزلي ستعمل أو ملابس فيها عيوب تصنيعية وعادة ما يتميز الدلالون من النساء أو الرجال بخفة الدم لجذب الزبائن وتحفيزهم للشراء ثم تبدأ بعد ذلك المزايدات على البضائع إلى أن يستقر سعرها على ثمن محدد وعندها يعرض السعر الذي رسا عليه المزاد على صاحب البضاعة فإذا وافقت اكتملت عملية البيع وتبلغ أتعاب الدلالين خمسة في المائة من قيمة السلعة التي تباع…
أيضا من أشهر واعرق حي في الحبوس المقاهي التي مرت على عدد منها أحداث وشخصيات طبعت تاريخ الحي بل والمغرب عموما ببصمات يتذكرها  الأجيال والملاحظ  أن هاته المقاهي حافظت على هندستها الداخلية والخارجية وبقيت وفية للزمان والمكان لا يتغير فيها شيء سوى الوجوه وحولها يقول أحد ساكنة الحي إن مقهى المقاومة الذي كان يعرف باسم علال كان أكبر مقهى بالحي وفيه كان يجتمع المقاومون سرا لا عداد خططهم ضد عسكر المستعمر الفرنسي وكانوا معظم الأوقات يتبادلون الإشارات خشية العيون المبثوثة التي تراقبهم ومن هذا التاريخ وهذه الأجواء لا تزال تقتات مقاهي الحي من تاريخها فهناك حكايات من كل مقهى تنتقل بالتواتر بين رواده جيلا بعد جيل وهكذا أصبح أيضا حي الاحباس ذاكرة الدار البيضاء ذاكرة ظلت متقدة على مدى قرن كامل من الزمن
….