كتبت :- هبه البيه
مازالت «جمهورية الحديد والصلب» إمبراطورية صناعية ضخمة تساهم في كبرى المشروعات القومية، لكن الإهمال والتخسير المتعمد الذي طال شركات قطاع الأعمال العام، حولها لعبء وشركة خاسرة، حتى وصلت خسائرها لأكثر من مليار على مدار 10 سنوات، وبدورهم يحاولون العمال بكل قوتهم، الحفاظ على أطلال ما تبقى من قطاع عام شامخ مرفوع الرأس.
فيواصل الآلاف العمال من شركة الحديد والصلب إضرابهم عن العمل واعتصامهم لليوم الثاني على التوالي، ضمن سلسلة من الاحتجاجات التي أجراها العمال لنفس الأسباب على مدار عامين؛ من أجل صرف الأرباح، وإقالة رئيس الشركة ورئيس الشركة القابضة، ومحاسبة الفاسدين، كما بدأت مفاوضات مع عدد من ممثلي العمال ومجلس الوزراء للوصول لسبل حل الأزمة.
قضى العمال ليلتهم أمس داخل مقر الشركة، مصرين على مطالبهم بإقالة رئيس مجلس الإدارة، وصرف الحافز السنوي “الأرباح” بواقع 16 شهرا، إضافة إلى صرف ثلاثة أشهر من حافز العام الماضي، الذي لم يتم صرفه، وعودة نسبة 7% التي تم خصمها من الحافز الشهري، وعودة جميع العمال المفصولين الذين تم نقلهم وإيقافهم عن العمل خلال العام الماضي عقابا لهم على مشاركتهم في قيادة الاعتصامات السابقة، وفتح ملفات الفساد داخل الشركة، وتوريد الفحم اللازم لتشغيل الشركة بكامل طاقتها.
ليواصلوا فاعليتهم اليوم التي تجرى وسط تشديدات أمنية بمنع دخول الصحفيين والمتضامنين، فنظموا مظاهرات ضخمة جابت أرجاء الشركة، مرددين هتافات “المرة دى بجد.. مش هنسيبها لحد”، و”احلف بسماها وبترابها.. بسيونى اللي خربها” قاصدين زكي بسيوني، رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، متهمين إياه بالتسبب في تخسير الشركة.
ومنع العمال تحرك أي أتوبيسات داخل الشركة لنقل المنتجات، بوضع البراميل في جميع طرقات الشركة، مهددين بوقف عملية التسخين للفرن الثالث، الوحيد الذي يعمل، وهو ما يهدد بخسائر بملايين الجنيهات.
من جانبه، قال مصطفى نايض، القيادي النقابي بالشركة، إنهم يرفضون تحميل العمال المسئولية عن تلك الخسائر، خاصة أن أي خسائر ليس للعمال ذنب فيها؛ لأن سببها الأساسي هو الخطة الإنتاجية التي قررتها الشركة القابضة للصناعات المعدنية، وبالتالي فليس للعمال ذنب فى الخسائر، معرباً عن تمسكهم بمطلب حصولهم على الحافز الجماعي والمقرر صرفه الشهر الجاري.
وأضاف “نايض” لـ”البديل” اليوم، أنهم يواصلون تفاوضهم مع مجلس الوزراء؛ للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، مع تمسكهم بحقهم الأصيل وفقاً للقانون.
ولم يكن هذا الاعتصام الشرارة الأولى لغضب العمال في قطاع الصناعات المعدنية، بل سبقه عدد من الاحتجاجات في القطاع مثل شركة النصر لصناعة الكوك، وشركة النصر للمواسير؛ بسبب انتقاص مستحقات العاملين وحرمانهم من الأرباح، وكذلك احتجاج الحديد والصلب في نوفمبر 2013، وفيه تم الاستجابة إلى مطلب وحيد، بصرف الأرباح، والتي حصل عليها العمال ناقصة، حيث أقر لهم صرف 13 شهرا وتم صرف عشرة أشهر فقط، فضلا عن التنكيل والتهديد والنقل التعسفي على إثر المشاركة في هذا الإضراب.
وينذر هذا القطاع بسلسلة احتجاجات أخرى مثل شركة النصر لصناعة المطروقات وغيرها من الشركات التى بصدد تنظيم اعتصامات لذات الأسباب، كما ظهرت مخاوف جديدة لدى العمال؛ بسبب طرح الحكومة كلمة إعادة الهيكلة، التي يشعرون أن الهدف منها تقليص حجم العمالة، خاصة بعد إحالة 2500 عامل إلى القومسيون الطبي، في الوقت الذي يتم فيه وقف التعيينات منذ سنوات طويلة، إضافة إلى خفض التكلفة عبر إغلاق ورش ومصانع، وخفض النفقات بالهجوم على أجور وحوافز العاملين.
الجدير بالذكر أنه بدأ التفكير في إنشاء مصنع الحديد والصلب عام 1932 بعد توليد الكهرباء من خزان أسوان، إلا أن قرار تأسيس المصنع لم يصدر إلا عام 1954، بهدف استغلال مناجم الحديد وكل الأنشطة المتعلقة بصناعة الحديد والصلب كأول مجمع متكامل في العالم العربي، وأقيم المصنع في التبين، بالكيلو 35 جنوب القاهرة، على مساحة حوالي 1700 فدان، وتزايد العمال به حتى وصل عددهم حاليًا إلى 12 ألف عامل.
وبعد رحلة استمرت أكثر من 50 عاما من العطاء وخدمة الاقتصاد المصري، لم يتم إحلال وتجديد المعدات خلالها على الإطلاق، بالإضافة إلى عدم توفير الفحم اللازم لتشغيل جميع القطاعات، توقفت 3 أفران “1، 2 ، 4″ بالمصنع؛ وفرن رقم 3 فقط هو الذي يعمل بنسبة 30% من طاقته الإنتاجية، حتى أوشك المصنع على الانهيار تماما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق