كتب :- محمد البرغوثى
لا تصلح هذه المساحة لكتابة حكاية «شركة مساهمة البحيرة»؛ لأنها باختصار تصلح نموذجاً فذاً لمعرفة كيف تم بناء مصر، وكيف تم هدمها وتخريبها، وتصلح أيضاً دليلاً شديد الوضوح لتعقب حفنة من المجرمين الخطرين قاموا بمهمة تخريب مصر فى السنوات العشر الأخيرة من حكم «مبارك». وحكاية «شركة مساهمة البحيرة» لا يعرف عنها معظم المتابعين لأخبارها غير أن عمالها الذين يزيد عددهم على 4 آلاف عامل يضربون عن العمل، يوم الثلاثاء من كل أسبوع، للمطالبة بصرف رواتبهم التى انقطعت منذ 7 شهور، ومحاسبة المسئولين الذين تعاقبوا على رئاسة مجلس إدارة الشركة ومحاكمتهم بتهمة تعمد تخسيرها تحت سمع وبصر العديد من الأجهزة الرقابية التى تعرف ما يحدث فيها، ولكنها لم تتدخل أبداً لوقف تدمير واحدة من أهم وأكبر الشركات فى الشرق الأوسط كله، لأسباب ما زالت غامضة حتى الآن.
تأسست شركة مساهمة البحيرة عام 1881، وخلال النصف الأول من القرن العشرين أضافت للمساحة الزراعية فى مصر نصف مليون فدان فى الأراضى الجديدة آنذاك فى غرب الدلتا (البحيرة والنوبارية) وأضافت لشبكة الترع الكبيرة العديد من المشروعات الضخمة مثل ترعة الإبراهيمية، وقامت بمد مئات الكيلومترات من خطوط السكك الحديدية، وشيدت مثلها من الطرق العامة والسريعة فى أرجاء مصر، وقامت ببناء العديد من الموانئ والمنصات البحرية. وبعد تأميم «مساهمة البحيرة» عام 1961، أسند لها الرئيس جمال عبدالناصر دوراً عظيماً وملحمياً فى بناء نهضة مصر الناصرية، واستخدم معداتها العملاقة فى توطيد علاقة مصر بدول منابع ومجرى النيل فى أفريقيا، وعندما حانت لحظة البدء فى بناء السد العالى، كانت «مساهمة البحيرة» هى رأس الحربة فى هذا الإنجاز الخارق، فقد تمكنت فى فترة وجيزة من بناء أكبر عدد من المنازل العائمة ومن منصات الأبحاث العائمة فى النيل حتى يعمل المهندسون والفنيون وهم فى قلب الموقع وليس بعيداً عنه.. ثم أسهمت بأكبر قدر فى حفر وتكريك بحيرة ناصر وإقامة السواتر الخرسانية العملاقة للسد العالى.. وخلال هذه الملحمة كانت تضيف للمساحة الزراعية آلاف الأفدنة الجديدة حتى بلغ ما قامت باستصلاحه فى صحارى مصر بعد الثورة وإلى الآن أكثر من 600 ألف فدان.
وبعد هزيمة 1967، استدعاها «عبدالناصر» مرة أخرى لمعركة أكثر خطورة، خاضتها «مساهمة البحيرة» بعيداً عن كل الأضواء؛ فقد أسهمت مع القوات المسلحة المصرية فى بناء تحصينات المطارات الحربية وملاجئ الطائرات، وبناء حائط الصواريخ العملاق، وإنشاء الساتر الترابى على الضفة الغربية من قناة السويس. وبعد نصر أكتوبر، انطلقت «مساهمة البحيرة» إلى سيناء، فقامت بشق سحارة «الدفرسوار» تحت قناة السويس لتوصيل المياه العذبة إلى سيناء، وأسهمت فى هدم تحصينات خط بارليف على الضفة الشرقية من القناة، وكانت قبل ذلك قد صنعت الطوافات العائمة التى حملت جنودنا البواسل يوم 6 أكتوبر 1973 عبر قناة السويس إلى الضفة الشرقية.
وبعد معركة 1973 انتشرت «مساهمة البحيرة» فى أرجاء مصر، لتحفر وتعمّق عشرات الترع والمصارف، بالإضافة إلى توسعة القطاع الشمالى لقناة السويس وتوسعة قطاع الإسماعيلية وتفريعة الدفرسوار وتفريعة بحيرة التمساح، وتقوم بتطهير وتعميق مجرى النيل والترع الكبيرة، وشق ترع جديدة فى توشكى.
شركة بهذا التاريخ العملاق كيف تتحول إلى شركة خاسرة لا تملك صرف مرتبات عمالها الذين تقلصوا من 40 ألف عامل ومهندس إلى 4 آلاف فقط؟!، وإذا كانت هذه هى أول شركة فى تاريخ مصر تعمل فى مجال الحفر الجاف والحفر المائى، فمن هم الذين يستبعدونها حتى الآن من العمل فى حفر قناة السويس الجديدة؟ ولأى سبب كافر يحرص كل وزراء الرى منذ عام 2000 وحتى الآن على استبعادها من كل أعمال تطهير وتعميق وصيانة ترع مصر ومصارفها.. فى الوقت الذى يتم فيه إسناد كل هذه الأعمال لشركات القطاع الخاص؟
إنه ملف شديد الخطورة.. إذا تعمقنا فيه فسوف نكتشف ببساطة أن كثيرين ممن تعاقبوا على إدارة هذه الشركة كانوا يعملون لصالح إسرائيل، وأن بعضهم قام بمهمة تدمير هذه الشركة وهو يعرف تماماً أنه ينفذ أجندة صهيونية تنتقم من الشركات التى ساهمت فى نهضة مصر.. وساهمت فى تحويل النكسة إلى نصر كبير
لا تصلح هذه المساحة لكتابة حكاية «شركة مساهمة البحيرة»؛ لأنها باختصار تصلح نموذجاً فذاً لمعرفة كيف تم بناء مصر، وكيف تم هدمها وتخريبها، وتصلح أيضاً دليلاً شديد الوضوح لتعقب حفنة من المجرمين الخطرين قاموا بمهمة تخريب مصر فى السنوات العشر الأخيرة من حكم «مبارك». وحكاية «شركة مساهمة البحيرة» لا يعرف عنها معظم المتابعين لأخبارها غير أن عمالها الذين يزيد عددهم على 4 آلاف عامل يضربون عن العمل، يوم الثلاثاء من كل أسبوع، للمطالبة بصرف رواتبهم التى انقطعت منذ 7 شهور، ومحاسبة المسئولين الذين تعاقبوا على رئاسة مجلس إدارة الشركة ومحاكمتهم بتهمة تعمد تخسيرها تحت سمع وبصر العديد من الأجهزة الرقابية التى تعرف ما يحدث فيها، ولكنها لم تتدخل أبداً لوقف تدمير واحدة من أهم وأكبر الشركات فى الشرق الأوسط كله، لأسباب ما زالت غامضة حتى الآن.
تأسست شركة مساهمة البحيرة عام 1881، وخلال النصف الأول من القرن العشرين أضافت للمساحة الزراعية فى مصر نصف مليون فدان فى الأراضى الجديدة آنذاك فى غرب الدلتا (البحيرة والنوبارية) وأضافت لشبكة الترع الكبيرة العديد من المشروعات الضخمة مثل ترعة الإبراهيمية، وقامت بمد مئات الكيلومترات من خطوط السكك الحديدية، وشيدت مثلها من الطرق العامة والسريعة فى أرجاء مصر، وقامت ببناء العديد من الموانئ والمنصات البحرية. وبعد تأميم «مساهمة البحيرة» عام 1961، أسند لها الرئيس جمال عبدالناصر دوراً عظيماً وملحمياً فى بناء نهضة مصر الناصرية، واستخدم معداتها العملاقة فى توطيد علاقة مصر بدول منابع ومجرى النيل فى أفريقيا، وعندما حانت لحظة البدء فى بناء السد العالى، كانت «مساهمة البحيرة» هى رأس الحربة فى هذا الإنجاز الخارق، فقد تمكنت فى فترة وجيزة من بناء أكبر عدد من المنازل العائمة ومن منصات الأبحاث العائمة فى النيل حتى يعمل المهندسون والفنيون وهم فى قلب الموقع وليس بعيداً عنه.. ثم أسهمت بأكبر قدر فى حفر وتكريك بحيرة ناصر وإقامة السواتر الخرسانية العملاقة للسد العالى.. وخلال هذه الملحمة كانت تضيف للمساحة الزراعية آلاف الأفدنة الجديدة حتى بلغ ما قامت باستصلاحه فى صحارى مصر بعد الثورة وإلى الآن أكثر من 600 ألف فدان.
وبعد هزيمة 1967، استدعاها «عبدالناصر» مرة أخرى لمعركة أكثر خطورة، خاضتها «مساهمة البحيرة» بعيداً عن كل الأضواء؛ فقد أسهمت مع القوات المسلحة المصرية فى بناء تحصينات المطارات الحربية وملاجئ الطائرات، وبناء حائط الصواريخ العملاق، وإنشاء الساتر الترابى على الضفة الغربية من قناة السويس. وبعد نصر أكتوبر، انطلقت «مساهمة البحيرة» إلى سيناء، فقامت بشق سحارة «الدفرسوار» تحت قناة السويس لتوصيل المياه العذبة إلى سيناء، وأسهمت فى هدم تحصينات خط بارليف على الضفة الشرقية من القناة، وكانت قبل ذلك قد صنعت الطوافات العائمة التى حملت جنودنا البواسل يوم 6 أكتوبر 1973 عبر قناة السويس إلى الضفة الشرقية.
وبعد معركة 1973 انتشرت «مساهمة البحيرة» فى أرجاء مصر، لتحفر وتعمّق عشرات الترع والمصارف، بالإضافة إلى توسعة القطاع الشمالى لقناة السويس وتوسعة قطاع الإسماعيلية وتفريعة الدفرسوار وتفريعة بحيرة التمساح، وتقوم بتطهير وتعميق مجرى النيل والترع الكبيرة، وشق ترع جديدة فى توشكى.
شركة بهذا التاريخ العملاق كيف تتحول إلى شركة خاسرة لا تملك صرف مرتبات عمالها الذين تقلصوا من 40 ألف عامل ومهندس إلى 4 آلاف فقط؟!، وإذا كانت هذه هى أول شركة فى تاريخ مصر تعمل فى مجال الحفر الجاف والحفر المائى، فمن هم الذين يستبعدونها حتى الآن من العمل فى حفر قناة السويس الجديدة؟ ولأى سبب كافر يحرص كل وزراء الرى منذ عام 2000 وحتى الآن على استبعادها من كل أعمال تطهير وتعميق وصيانة ترع مصر ومصارفها.. فى الوقت الذى يتم فيه إسناد كل هذه الأعمال لشركات القطاع الخاص؟
إنه ملف شديد الخطورة.. إذا تعمقنا فيه فسوف نكتشف ببساطة أن كثيرين ممن تعاقبوا على إدارة هذه الشركة كانوا يعملون لصالح إسرائيل، وأن بعضهم قام بمهمة تدمير هذه الشركة وهو يعرف تماماً أنه ينفذ أجندة صهيونية تنتقم من الشركات التى ساهمت فى نهضة مصر.. وساهمت فى تحويل النكسة إلى نصر كبير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق